أن يتسنى لك الجلوس المريح قرب النافذة ذات يوم شتائي، فترقب حبات المطر وهي ترتطم بالزجاج في الخارج، في حين تحتسي أنت كوباً من الشاي في دفء الداخل... فهذه هي واحدة من أصل ثلاث وثلاثين لحظة من السعادة، كما أحصاها فيلسوف صيني! ولأننا في عالم مليء باللغو، ولأن الكلام العدمي بات يصم الآذان، تجد نفسك تتوجه بتقدير خاص لكل من يساعدك على اقتناص لحظة السعادة، مهما بدت صغيرة خاطفة عابرة...
ولأنك تجد نفسك تلميذاً كسولاً إزاء دروس الكراهية التي يتبرع آخرون لتلقينك إياها كل يوم وبشكل رتيب، ترى نفسك تتشبث بكل قيم الخير والجمال والمحبة...
وتتمسك بكل ذرة إيمان بأنه ووسط حصار سوء الفهم حولك، ستجد دائماً من يفهمك ويحترمك ويحبك كما أنت، وليس كما يبتغي لك الآخرون! ونجتهد مع الفيلسوف لنقول: وجوه الأطفال في الصباح مبعث على السعادة، وكذلك كلمة الشكر غير المتوقعة، أو عبارة الثناء الصادقة.
ثم إن القدرة على احتواء من لا يحبوننا سبب لسعادة ما، إذ يقول كونفوشيوس: ''دع المساوىء تعمل لمصلحتك...'' وعليه، ترى أن بعض أسباب نجاحك أو تفوقك هو توقع الآخرين لفشلك، فكما تشكل المشاعر الايجابية تجاهك حافزاً للتقدم ،تساويها في ذلك المشاعر السلبية، ولو خشية من مبالغة، لقلت إننا مدينون لكل من يحبوننا، ولكل من يكرهوننا، على السواء، بكل نجاح نحققه.
وبعد، وعلى الرغم من أنّ كلمة السعادة هي كلمة كبيرة خطيرة ليس من السهل التصدي لها ببساطة وجرأة، رغم ذلك، جعلنا الفيلسوف نشاركه الاجتهاد في البحث عن لحظاتها، لنتفق معه على أن السعادة لحظات... وليست منهجاً أو نمط حياة، وإلا لكانت قد فقدت طعمها تماماً.
بالمقابل، تجدنا نتقدم له بالإعجاب على ما قدم، لأن التصدي لإحصاء لحظات السعادة هو أمر شائك معقد، لا يقدر عليه سوى المفكرين الجريئين العميقين، أما إحصاء لحظات التعاسة فيبدو أننا كلنا فلاسفة متميزون في ذلك!
د.لانا مامكغ
No comments:
Post a Comment